Translate

الفصل السابع: مَنطِقَ الطَّيْرِ

الفصل السابع: مَنطِقَ الطَّيْرِ

كتاب قديم تعود أصوله إلى الهند، يحوي مجموعة معتبرة من القصص والحكايات. يقول الباحثون أن ابن المقفع قد ترجم الكتاب عن اللغة الفارسية وزاد عليه بعض الفصول التي لم تكن فيه من الأساس واسماه كليلة ودمنة.

لقد كان اللجوء للحيوانات واستنطاقهم ضرورة، فالكتاب يتعرض للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويشمل مجموعة من الحكم والمواعظ ما كان لها أن تمر بسهولة بدون هذه الحيلة الذكية.

الحيوانات هي الشخصيات الرئيسة في الكتاب، حيث يقوم بدور البطولة الأسد الملك، ثم شتربة الثور خادم الملك، واثنان من فصيلة ابن آوى وهما كليلة ودمنة. قد تبدو الأمور مسلية وممتعة، ولكن ماذا لو تحقق هذا الأمر واستطاع الإنسان فهم منطق الحيوانات؟

يبدو أننا على أعتاب أحداث عظام، وقصص واقعية سوف نسجلها قريبًا للمخلوقات الأخرى بخلاف الإنسان، كل ما يلزمنا هو فك لغز شفرة منطق الدواب حتى نستمع منها بشكل حصري إلى تاريخها، ونتعرف على وجهة نظرها في الحياة وفي الإنسان.

لك أن تتخيل حجم المعارف والعلم الذي من الممكن أن يتبدى أمام الإنسان فقط إذا استطاع فك لغز منطق المخلوقات وفهمه. إننا بانتظار شامبليون آخر على غرار شامبليون حجر رشيد ليفتح للبشرية بابًا معرفيًا موصدًا عن عالم، بل عوالم مختبئة تحت ترددات صوتية لا ندري عنها شيئًا.

عملية فك الترددات الصوتية وترجمتها إلى لغة مفهومة ليست خيالًا، وإنما علم يخطو بخطى ثابتة، ويومًا ما لا شك قادم سوف يتحقق هذا الحلم الذي يراود كثير من العلماء والباحثين.

قبل أن يشير العلم الحديث لهذه الإمكانية، أشار كتاب الله إشارات لدى مدلولها لدى كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أحسن القصص بلا منازع وأصدق الحديث بلا أدنى شك وكل ما فيه حق. وها هي قصة نبي الله سليمان مع الطير، وكيف فهم منطقهم، وما دلالة ذلك لقوم يعلمون، إن كان أعطى الله نبيه سليمان هذا العلم وجعله آية، فلا شك أنها إشارة تحتاج للتوقف كثيرًا. لا يليق بنا وبين أيدينا هذا الكم من المعارف أن نتجاوز ونعبر هذا الحدث العظيم والفريد دون توقف وتدبر.

سيقول أصحاب المجاز أن النمل ليس نمل وان الطير تعبير مجازي وهذا أمر مفهوم بسبب صعوبة فهم ما حدث بشكل منطقي. لكن لو افترضنا أن ماحدث حدث على وجه الحقيقية فسوف يقودنا هذا الفرض إلى محاولة  بحث وفهم كيف تم هذا وماذا يمكن أن تفيدنا هكذا معلومات. القول بالمجاز مريح ولا يتطلب الغوص في العلوم ولا جهد التفكير الزائد؛ بينما القول بحقيقة ما حدث يتطلب عمل ذهني بالغ الصعوبة وأكثر الناس في التفكير زاهدون.

هذا الفصل يحمل تساؤلات أكثر بكثير من كونه يحمل إجابات، لعل هذه التساؤلات تجد إجابات عند أهل التخصص أو حتى تفتح عيونهم على أشياء جديدة وربما تساعد في فهم بعض الظواهر العلمية.

الخواطر القرآنية

سميت السورة التي نحن في رحابها سورة النمل، ولعل التسمية هنا تحوي سرًا عظيمًا، ولنحاول قدر فهمنا أن نقرأ آيات من هذه السورة العظيمة.

(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)(سورة النمل، آية 16).

(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)(سورة النمل، آية 18).

إن ما ذكره ربنا هنا في كتابه أن نبي الله سليمان عُلم منطق الطير، ثم بعد ذلك نجد أن نبي الله سليمان فهم منطق النمل، مع أن الآية الكريمة تتحدث عن منطق الطير، فإلى أي شئ يمكن أن تقودنا هذه الإشارة؟

لأن كتاب الله ينطق بالحق وقول الله هو الحق، فلابد أن هناك سرًا في هذا الترتيب.

كيف تأول الأقدمون هذه الآية الكريمة وكيف حاولوا التوفيق بين منطق الطير وقول النمل.

جاء في تفسير ابن كثير ما يلي:

(قوله: (يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ)، أي أخبر سليمان بنعم الله عليه، فيما وهبه له من الملك التام، والتمكين العظيم، حتى إنه سخر له الإنس والجن والطير. وكان يعرف لغة الطير والحيوان أيضًا، وهذا شئ لم يعطه أحد من البشر -فيما علمناه- مما أخبر الله به ورسوله،

ومن زعم من الجهلة والرعاع أن الحيوانات كانت تنطق كنطق بني آدم قبل سليمان بن داود -كما يتفوه به كثير من الناس- فهو قول بلا علم، ولو كان الأمر كذلك لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدة، إذ كلهم يسمع كلام الطيور والبهائم ويعرف ما تقول، فليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، بل لم تزل البهائم والطيور وسائر المخلوقات من وقت خلقت إلى زماننا هذا على هذا الشكل والمنوال، ولكن الله سبحانه وتعالى كان قد أفهم سليمان عليه السلام، ما يتخاطب به الطيور في الهواء، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها، ولهذا قال: (علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ)، أي مما يحتاج إليه الملك، (إن هذا لهو الفضل المبين)، أي الظاهر البين لله علينا) انتهى التفسير.

ابن كثير هنا يعيب على الرعاع والجهلة قولهم إن سائر المخلوقات كانت تنطق كنطق بنى آدم، وهو محق كل الحق في ذلك، فالمخلوقات لها منطق ولكن ليس كنطق بني آدم ولو أنها كانت تنطق كما ينطق بني آدم ما احتاج نبي الله تعلم نطقها، ولكن لأن نطقها يختلف ويحتاج فهم مدلول أصواتها، علم الله نبيه سليمان هذا العلم الذي استطاع من خلاله فهم منطق النمل. يحق لنا أن نتساءل بنفس منطق ابن كثير، من أين أتى ابن كثير بالقول إن نبي الله سليمان تعلم منطق سائر الحيوانات، ولم يذكر القرآن صراحة سوى منطق الطير؟ لعل فهم نبي الله سليمان قول النملة هو ما أشكل على ابن كثير، إذ أنه لو توقف عند جنس الطير لأصبح منطق النمل غير مفسر وغير مبرر.

قال ابن العربي: من قال إنه لا يعلم إلا منطق الطير فنقصان عظيم، وقد اتفق الناس على أنه كان يفهم كلام من لا يتكلم ويخلق له فيه القول من النبات، فكان كل نبت يقول له أنا شجر كذا، أنفع من كذا وأضر من كذا، فما ظنك بالحيوان) انتهى الاقتباس من التفاسير.

لقد اقترب قتادة والشعبي كثيرًا، وقولهما إن هذه النملة كانت ذات جناحين هو قول مرسل وإن كانت محاولة محمودة، ولربما لو أتيح لهما الاطلاع على علوم اليوم، لربما كان لهما موقف آخر.

أما قول فرقة من المفسرين إنه عُلم منطق جميع الحيوان، ولكن خص الطير لأنه جند من جنود سليمان يحتاجه كثيرًا فخصه بالذكر، هو قول لا دليل عليه وإنما هو أقرب للأماني.

أما قول ابن عربي: كان نبي الله سليمان يفهم كلام من لا يتكلم ويخلق له فيه القول من النبات فكان النبات يقول له أنا شجر كذا، فما ظنك بالحيوان، فهو تجرؤ وقول ليس عليه أدنى دليل، والعجيب يعيب ابن عربي على من يقول إنه لا يفهم إلا منطق الطير، ويستشهد بالإجماع على أن الناس اتفقوا على أنه كان يفهم كلام من لا يتكلم، وهل إذا اتفق العالمون على قول ما بدون دليل يعتبر هذا الإجماع دليل علمي ومنطقي يمكن الاحتجاج به في مسألة كهذه؟

اتفاق العالمين بدون دليل واضح يخصهم وحدهم، وكلام ربنا هو الذكر الذي ينطق بالحق، فإذا قال ربنا عن سليمان حاكيًا عن نفسه عُلمنا منطق الطير فالمقصود هنا الطير، وهنا يجب إعادة النظر في المسمى، وإذا ورد قول النملة كنوع من منطق الطير فذلك أدعى أن يثير ويحفز عقولنا لنبحث عن المسمى وتوصيفه، فإن أصبنا فبتوفيق الله، وإن اخطأنا فحسبنا أننا وقفنا على كتاب الله.

الفهم العميق لكلمة طير يعيد تشكيل فهمنا للمفهوم التقليدي للطير، أو ربما يفتح الباب على مصراعيه أمام فرضيات التطور واكتشاف معلومات عن تاريخ الأنواع والكائنات. بالنهاية يبقى كتاب الله هو الشئ الوحيد الثابت والكل يسبح حوله.

كلمة طير وردت في كتاب الله سبعة عشر مرة، منها ست مرات خاصة بنبي الله داود و سليمان (عليهما السلام)، منها ثلاث مرات في سورة النمل فقط، أما النمل بصيغة الجمع فقد ذُكر مرتين، ومرة واحدة بصيغة المفرد نملة.

مدلول كلمة طير

جذر كلمة طير لها أصل واحد، وهو خفة الشيء في الهواء كما في قاموس بن فارس. من الواضح أن جنس الطير متعلق بالشيء الخفيف، وها هي الآية القرآنية الكريمة التالية تفرق بين الطائر الذي يطير بجناحيه وبين الدابة التي تدب على الأرض، ولنا وقفة مع عبارة طائر يطير بجناحيه.

(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» (سورة الأنعام، آية 38).

لو حاولنا تسليط الضوء على عبارة (طائر يطير بجناحيه)، فهل معنى ذلك أن تصنيف طائر يستلزم وجود جناحين يمكنان هذا المخلوق من الطيران؟

نستطيع أن نلاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى ذكر دواب الأرض، وذكر أيضًا ما يطير في السماء، ولكن لم يرد الذكر على الكائنات البحرية بحد علمي أن الوصف القرآني لم يشملهم، وقد أكون مخطئًا إذا أثبت أحد علماء اللغة وعلماء التصنيف غير ذلك. فإذا كان الوصف القرآني لا يشمل البيئة المائية فهذا معناه أن هذه الكائنات مستثناة من مسألة أمم أمثالكم.

لكي نستطيع أن نصل لمعلومات ذات قيمة في هذه المسألة يجب بحث وتعريف كلمة الأمة والأمم من خلال القرآن الكريم، وكذلك المقصود من كلمة أمثالكم، وما الفرق بينها وبين مثلكم، وكذلك لابد من تعريف الدابة والوقوف على معناها، ولابد أن يدرس هذا الأمر في حضور علماء الأحياء والتطور لمعرفة تطور الأنواع، وأي من هذه الأنواع بيئته الأصلية الماء، وأي منها تطور وانتقل بعد ذلك للماء، حتى نستطيع فهم لماذا الاستثناء هنا.

أحد فصحاء اللغة يتساءل أين بلاغة القرآن عندما يقول طائر يطير بجناحيه؛ من المعروف أن الطائر يطير بجناحيه، فما فائدة إضافة الجناحين هنا إلا إذا كان كلاما زائدًا؟

الآية تخبرنا عن معرفة معينة وهي أن هناك كائنات  قد تطير بدون أجنحة ظاهرة وهذا لا جدال فيه. مع التدقيق العلمي، وجد أن هناك كائنات لديها ما يسمى أجنحة مختزلة، أو حتى حدث تحور في الأجنحة. عندما نأتي على الجزء العلمي سوف تتكشف كثيرًا من هذه الأمور.

مدلول كلمة منطق

الجذر اللغوي للفظ منطق هو نطق، ومن خلال مقاييس اللغة نجد أن لها أصلين: الأصل الأول هو الكلام أو ما شابه، والأصل الثاني نوع من اللباس. ولكن بتتبع كلمة نطق في كتاب الله نجد لفظ نطق أو إحدى مشتقاتها قد ذُكرت في كتاب الله اثنتي عشرة مرة. لو تدبرنا الآيات التالية، بالإضافة إلى الآية التي نحن بصددها، سوف ندرك أن لفظ نطق يعني أصوات لها مدلولات. هذه الأصوات يشترك فيه جميع الكائنات، فإذا كانت هذه الأصوات ذات دلالة معينة، سمي نطقًا، وهذا بدوره يحيلنا إلى فهم معنى كتاب ينطق بالحق هو أن كل حرف فيه له دلالة صوتية معينة تحمل الحقيقة المطلقة.

الآية الأولى:

(وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(سورة المؤمنون، آية 63).

الآية الثانية:

(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(سورة فصلت، آية 21).

يجب أن نقف كثيرًا أمام (أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ)، فهل هذا معناه أن كل شئ له أصوات، وأن هذه الأصوات لها

دلالات معينة؟

كذلك لابد لنا من الأخذ في الاعتبار المدى الواسع للترددات الصوتية والأصوات التي يمكن أن نسمعها والتي تقع في مدى الصوت الذي يستطيع الإنسان سماعه، والترددات التي خارج نطاق السمع للإنسان. الإنسان يستطيع فقط سماع الأصوات التي يقع مدى ترددها ما بين 20 هيرتز و 20 كيلو هيرتز، أما الأصوات التي تقع في منطقة أقل من ذلك أو أعلى لا يستطيع الإنسان سماع هذه الأصوات.  هذا المدى الضيق الذي يسمع فيه الإنسان يفسر لماذا يقول الله سبحانه أنه أنطق كل شئ. لا شك عندي أن كل شيء له ترددات صوتية مميزة والعلم أثبت كثير من هذه الأمور، ومازال نهر العلم يجري.

(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(سورة فصلت، آية 21).

يبدو جليًا أن لكل شئ ترددًا صوتيًا، ولكن قدرتنا نحن محدودة في اكتشاف هذه الترددات، هكذا تخبرنا الآيات وتشير بثبات إلى هذه الحقيقة.

لقد تمكن الإنسان من توليد موجات صوتية يصل ترددها أو يزيد قليلًا عن مليون هيرتز، حيث لا تختلف كثيرًا في الخواص عن باقي الموجات الصوتية، غير أنه يمكن لهذه الموجات أن تنتقل على هيئة أشعة عالية الطاقة نظرًا لقصر طول موجاتها. قد يكشف العلم لنا قريبًا عن الموجات الصوتية، وعن علاقات الكائنات والموجودات بهذه الموجات. كذلك تم تسجيل تردد صوتي للشمس، وربما كشف كهذا، بالإضافة إلى القدرة على فهم مدلولات هذه الأصوات، يقودنا إلى فهم أوسع لهذا العالم المترامي الأطراف. فهم الأصوات ليس مستحيلًا، وله دلالة معينة كما أخبر كتاب الله. سوف نظل نكرر قبل أن يكتشف العلم ذلك، أن الترددات الصوتية لجميع الكائنات لها دلالات معينة وليست اعتباطية ويمكن فهمها من خلال تحديد شفرتها.

فهم مدلول أصوات الحروف في القرآن الكريم، وإيجاد العلاقة بين بعضها البعض وبين الترددات الصوتية، ومحاولة تقنين هذه الترددات وفهمها بشكل فيزيائي ربما هو ما سوف يقود إلى اكتشاف وفهم منطق باقي المخلوقات. إنه قانون الوحدانية الذي ينطق بوحدة هذا الكون ووحدانية خالقه، إنه القانون الواحد الذي يربط جميع مكونات الكون، والذي آمن به علماء الطبيعة ويسعون للوصول إليه بكل السبل.

لنتابع المشهد القرآني الذي يحكي عن فهم نبي الله سليمان منطق النمل وقوله، فمن الواضح أن نبي الله سليمان آتاه الله القدرة (العلم) على معرفة دلالة الأصوات للكائنات التي ينطبق عليها لفظ الطير، بحيث تسمية الطير تكون تسمية صحيحة لهذه الكائنات.

للشيخ محمد متولي الشعراوي خواطر حول هذا الأمر يمكننا الإشارة لها، فهو يقترب كثيرًا مما ذهبنا إليه.

(وَقَالَ يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ)(سورة النمل، آية 16)، فالطير له منطق ولغة، لأنه كما قال تعالى:

(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)(سورة الأنعام، آية 38). والآن ومع تقدُّم العلم يتحدث العلماء عن لغة للنمل، ولغة للنحل، ولغة للسمك... إلخ، وهذه المخلوقات تتفاهم بلغاتها بدقَّة تفاهمًا غريزيًا، لكننا لا نفهم هذا المنطق، والحق ـ تبارك وتعالى ـ يُعلِّمنا:

(وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)(سورة الإسراء، آية 44)، فإنْ قلتَ كمَنْ قالوا هو تسبيح دلالة لا منطقَ ومقال، نقول طالما أن الله تعالى قال (وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فلابُدَّ أنه مقال وكلام، ولكن أنت لا تفهمه.

علماء اللغة يقولون: إن النطق خاصٌّ بالإنسان، أما ما تُحدثه الحيوانات والطيور فأصوات تُحدِثها في كل وقت، مثل مواء القطة، ونُباح الكلب، وخُوَار البقر ونقيق الضفادع، لكن هذه الأصوات لها معنى (فنونوة) القطة حين تجوع غير (نونوتها) حين تخاف. إذًا فهي تُعبِّر، لكننا لا نعرف هذه التعبيرات، كيف ونحن البشر لا يعرف بعضنا لغات بعض، لأننا لم نتعلمها. وللغة ضرورة اجتماعية نتواضع عليها، أي نتفق أن هذا اللفظ يعني كذا، فإذا نطقتَ به أفهمك، وإن نطقتُ به تفهمني) انتهى التفسير.

السؤال هنا، هل من الممكن أن يتم ترجمة هذه الآية الخارقة للعادة التي اختص الله بها نبيه سليمان وهي فهم دلالة الأصوات للكائنات الأخرى؟ هل من الممكن أن نحصل على برنامج كمبيوتر له القدرة على تحويل الدلالات الصوتية لباقي المخلوقات إلى أي لغة من لغات البشر؟ كيف يمكننا التوفيق بين منطق الطير الذي علمه نبي الله سليمان ومنطق النمل الذي فهمه كما جاء في القرآن؟

الرؤية العلمية

مسألة إثبات إمكانية معرفة وفهم نطق الحيوانات لم يعد أمرًا صعبًا أو ضربًا من الخيال. كثير من الأبحاث العلمية الموثقة أثبتت أن هناك تواصل ما، وبقدر معين بين كل أفراد كل نوع من الأنواع، وأن الأصوات لها دلالات معينة بين المخلوقات المتشابهة يتم تداولها، ويستطيع هؤلاء الأفراد من خلال تلك الأصوات التفاهم والتواصل. كان من الممكن أن يكون هذا الأمر مدهشًا لو تم الحديث عنه في الماضي، أما الآن فأعتقد أن مسألة فهم نطق الكائنات من خلال فهم ترددات أصواتها هو مسألة وقت لا أكثر.

البروفيسور سابرينا إنجيسر، من جامعة زيورخ تؤكد أن دراسات عديدة أشارت إلى أن الحيوانات وبصفة خاصة العصافير لها القدرة على إصدار أصوات مختلفة كجزء من ترتيل معين فيما بينها، مع تأكيد الباحثة أن هذه الأصوات بشكل عام لا تحمل معنى محددًا.

هناك دراسات عديدة أثبتت أن العصافير، والتي تسمى عصافير الكستناء الثرثارة، قادرة على التواصل مع بعضها البعض عن طريق إصدار أصوات وتغريدات معينة، مما يثبت أن هذه الأصوات والتغريدات لها دلالة ومعنى، وهو ما يمكن أن يُطلق عليه عمليًا نطقًا. يقول الباحثون في جامعة زيورخ وجامعة اكسترا أن طائر الكستناء وموطنه الأصلي أستراليا، ويسمى طائر الكستناء المتوج الثرثار، لديه القدرة على ترتيب الأصوات، ونقل معنى جديد تمامًا.

تعتبر هذه النتائج خطوة أولى في إمكانية التعرف على أنظمة اللغة، والتفاهم بين الكائنات الحية بخلاف الإنسان. بحسب مجلة بلوس العلمية والمتخصصة في علم الأحياء، طيور الكستناء،  استخدمت صوتين معينين. و لتقريب الصورة، لنفترض أن الصوتين هما صوت حرف الصاد وصوت حرف الواو، ترتيب هذه الأصوات يعني سلوكًا معينًا لدى تلك الطيور. فمثلًا نداء الطيران (ص، و (صو))، ونداء إطعام الصغار هو (ص، و، ص (صوص))، وعند إعادة إصدار الأصوات تلك، لاحظ الباحثون أن الطيور محل الدراسة تمتلك القدرة على التمييز بين تلك الأصوات بحيث تنظر إلى الأعشاش إذا سمعت الصوت الخاص بإطعام الصغار وتنظر إلى الطيور القادمة عند سماع الصوت الخاص بالطيران.

من ناحية أخرى، استطاع الباحثون التعرف على الجين المسئول عن عملية النطق، وهو جين مشترك بين الطيور والإنسان. وبحسب الباحث سبستيان هاسلير بمعهد ماكس بلانك في برلين، وكازو هيرووادا بجامعة ديوك الأميركية فإن الجين FoxP2i هو المرتبط بمشاكل اللغة والنطق

لقد تم تحديد هذا الجين في كلًا من الإنسان والطيور، والتعرف عليه في منطقة الدماغ.

الأمر ليس سرًا أو لغزًا محيرًا، فهناك بالفعل أبحاث واعدة في هذا المجال تتحدث عن أصوات ذات معنى ومغزى لكثير جدًا من المخلوقات.

العلاقة بين الطير والنمل

 التصنيف البشري يضع الطيور في تصنيف ويضع الحشرات والتي تضم النمل في تصنيف آخر. لقد ذكرنا سابقًا أن طير تعني خفة في الشيء، والآية الكريمة التي تتحدث عن طائر يطير بجناحيه تعني أنه يوجد احتمال طائر لا يملك أجنحة على الأقل بشكل ظاهري. منطوق لفظ الطير القرآني شمل كائن النمل كما في الآيات الكريمة، ولنحاول إيجاد العلاقة، وإن قصرنا فلربما يأتي من خلفنا يملك معلومات أكثر شمولًا وأكثر عمقًا ليشرح تلك الجزئية باستفاضة.

النمل

ظهرت الحشرات على الأرض قبل 435 مليون سنة، ويعتبرها العلماء من أول الحيوانات التي ظهرت على سطح الأرض. بحسب السجل الأحفوري ظهرت الحشرات قبل الزواحف المجنحة بحوالي 204 مليون سنة.

أقدم الحفريات التي تخص الحشرات تم اكتشافها في حفريات تعود للعصر الديفوني (العصر الديفونى هو حقبة جيولوجية امتد من 416 إلى 359.2 مليون سنة مضت، وقد ظهرت فيه بعض الأسماك البرمائية التي كانت لها رئات وخياشيم وزعانف، وأطلق على هذا العصر، عصر ظهور الأسماك.

يبلغ عمر الحفرية التي وجدت في العصر الديفونى 396 مليون سنة، وقد استطاع العلماء تحديد الوصف التشريحي للحشرة في هذا العصر، حيث كانت تمتلك فكًا سفليًا ذا قسمين. هذه الظاهرة بحسب العلماء مميزة الحشرات المجنحة، مما يعزز فرضية تطور الأجنحة عند الحشرات. يبدو أن الحشرات كانت لها قدرة كبيرة على الطيران، ولكن تطور تلك المقدرة على الطيران تبدو غامضة بالنسبة للعلماء.

النمل يقع تحت فصيلة تسمى النمليات، ووفقًا لعلماء الأحياء فإن رتبة هذه الفصيلة تسمى رتبة غشائيات الأجنحة، والتي تضم النحل والزنابير ضمن نفس الرتبة.

معنى غشائيات الأجنحة أي داخلية الأجنحة Endopterygota، ويعتقد أن النمل قد تطور من أشباه الدبابير خلال ما يسمى بالعصر الطباشيري قبل 99 مليون سنة.

يتضح لنا أن لفظ الطير لا يمكن أن يكون مخصوصًا بها الطير الذي نعرفه الآن من خلال التقسيمات والتسميات، ولكن يجب إعادة التصنيف أو حتى على الأقل إعادة التسمية إذا كان تصنيف الكائنات على أساس طيور ودواب، وأن أهم ما يميز الطيور هو وجود الأجنحة، فلا شك أن النمل يوضع تحت تصنيف الطير كما أثبت العلم أنه من ضمن فصيلة تسمى غشائيات الأجنحة أي داخلية الأجنحة.

التناسق العجيب في الألفاظ وفي اختيار التعبيرات القرآنية والتي قد تُشكل على الناس كثيرًا بسبب عدم وضوح المقصود والمعنى، لا يمكن أن تكون صادرة عن بشر.

هناك ملاحظة ظاهرة للعين بخصوص النمل والطيران، فهناك نوع من النمل والذي يطير صراحة، واسمه النمل الأبيض والذي يملك أجنحة تمكنه من القدرة على الطيران.

تبعًا للمعرفة التي بحوزتنا الآن، فإن النمل الذي فهم نطقه نبي الله سليمان لا يخرج عن توصيف الطير كما عرفه القرآن وكما أثبت العلم. لعل هذه الآية الكريمة تحوي لمحة عن التطور وعن تحور قدرة الحشرات على الطيران وانفصال الكائنات إلى مجموعتين رئيسيتين؛ طيور ودواب، ولن يجيب على هكذا أسئلة إلا العلم المتمثل في نظرية التطور ومن خلال أدلة يمكن قياسها.

اقتصار فهم الطير على تلك الطيور الظاهرة مثل: الهدهد، والغراب والصقور وما شابههم هو فهم سطحي للغاية، ولعل الإشارة القرآنية لو تلقفها من يتدبر القرآن ولديه معرفة بيولوجية معقولة لربما كان توصل لحقائق ومعلومات منذ زمن بعيد، لكن للأسف الخوف من طرح الأسئلة على كتاب الله ومحاولة فهم وتدبر الآيات جعل من القرآن كتاب طقوس لا يمكن فهمه إلا من خلال فهم محدود الزمان والمكان.

 قبل أن أنتقل إلى لغة ونطق النمل، أود أن أشير لجزئية لفتت انتباهي، فقد أشاع البعض أن النمل يتكون من مادة زجاجية، وهذا هو سر عظيم لأن الله سبحانه وتعالى استخدم لفظ (يحطمنكم) في كتابه تعبير عن تدمير النمل، والتحطيم لا يكون إلا للزجاج.

أولًا النمل يتكون من مادة الكيتين، والكيتين مادة تتكون من عديد السكاريد أو يمكن اعتبارها بوليمر، أي سلسة طويلة من جزيئات السكر، ويعتبر المركب الأساسي لحواف خلايا الفطريات. عديد السكاريد هو المكون الأساسي في الهيكل الصلب الذي يغطي أجسام الحشرات، ومنها النمل كما ذكرنا.

جذر كلمة حطم في قاموس اللغة تعني كسر في الشئ، و مدلول الكلمة في كتاب الله تعني تكسير مواد جافة أو صلبة، كلمة حطام وصف بها الله سبحانه وتعالى الزرع بعد عملية الاصفرار، أو بصيغة أخرى الزرع الجاف المتصلب منزوع الماء، وعبر عن هذه العملية بقوله سبحانه (فتراه مصفرًا) دلالة على فقد جزء من الماء.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ)(سورة الزمر، آية 21).

(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)(سورة الحديد، آية 20).

كلمة تحطيم ليست فعلًا خاصًا بالزجاج فقط، ولكنه فعل يقع على كل ما هو صلب وجاف إذا تعرض لصدمة ما. إنها إشارة غاية في الإعجاز تدل على طبيعية هيكل النمل الصلب غير اللين كما أثبته العلم حاليًا، من ذا الذي يستطيع توصيف الحالة هذا الوصف الحقيقي واستخدام لفظ يعبر تعبيرًا حقيقيًا عما يحدث سوى صاحب العلم المحيط الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء.

منطق النمل

الاعتقاد السائد عن لغة النمل كان هو طريق اللمس والرائحة. حديثًا تم اكتشاف وسيلة تواصل وتفاهم يستخدمها النمل عن طريق أصوات ذات ترددات معينة.

بحسب كتاب موسوعة النمل لرياض احمد العراقي ومعن عبد العزيز جميل، فإن النمل يتكلم ويصدر ترددات صوتية معينة يسمعها بقية النمل ويتفاعل معها، وقد درس كلا من براون وهيكلنج الأصوات التي تصدر من النمل واستطاعوا تسجيل تلك الأصوات بالفعل.

لقد كانت النتائج مذهلة حقًا، فالترددات الصوتية تختلف من نملة لأخرى، ومن جنس لآخر وكذلك من وقت لآخر، وقد أكد الباحثان أن للنمل حاسة سمع قوية جدًا ولكنه لا يتفاعل مع صوت الإنسان، ويستطيع النمل تمييز الترددات الصوتية التي تنتقل عبر الأجسام المادية مثل الأرض أو السطح، ولكن ليست لديه القدرة على تمييز واكتشاف الترددات التي تنتقل عبر الهواء.

هذه المعلومات تأخذنا مباشرة إلى الوقوف إجلالًا وتعظيمًا أمام دقة اللفظ القرآني الذي قص المشهد الذي حدث بين نبي الله سليمان وبين النمل.  نبي الله سليمان سمع النمل فقط ولكن لم يَدُرْ حوارٌ مع النمل، ولا توجد أي إشارة على أن النمل سمع أو فهم ما يقول نبي الله، هو فقط استنتج أمرًا عن طريق معرفة معينة، ونبي الله فهم ما قال النمل، وتعجب من ذلك. تبسم ضاحكًا من قولها فقط، ولم يطمئنها مثلًا، بعكس الحوار الذي دار بين نبي الله سليمان وبين الهدهد حيث سمع الهدهد نبي الله سليمان ورد إليه الجوان وكذلك فهم نبي الله سليمان منطق الهدهد؛ بعكس حالة النمل كان فهم المنطق من جانب واحد فقط.

يستكمل الباحثان الدراسة حول النمل، ويقرران أن النمل يستجيب لترددات خاصة به عن طريق مجسات معينة موجودة على قرون الاستشعار وفى منطقة الصدر والرأس، ويستخدم النمل قرون استشعاره بشكل رئيس في إرسال واستقبال الترددات الصوتية. يُعتقد أن النمل يقوم بتضخيم الترددات، بل وإزالة التشويش من الترددات الصوتية فيما يسمى بعملية الفلترة.

لا شك أن التقدم المذهل في مجال الصوت هو ما عزز الاكتشافات الحديثة عن النمل وقدرته على التخاطب، فقد لوحظ أن الشغالات في مملكة النمل تتوقف تمامًا عن الحركة إذا ما أصدرت الملكة أمرًا أو تنبيهًا معينًا من خلال الترددات الصوتية، حيث تنتبه الشغالات مع وضع استعداد لقرون الاستشعار وتركيز لفترة ليست قصيرة. النمل أيضًا له القدرة على إطلاق إشارات استغاثة عندما يتعرض لوضع خطير، بحيث تستطيع الأفراد الاُخرى التقاط الإشارة، والتعرف على نوع الخطر وتحديد مكان الخطر.

يتبقى لنا إشارة واحدة وخاطرة حول هذه الآية الكريمة لعلها تكون موضوع بحث واعد، وهو قدرة النمل المعرفية.

أخبرتنا الآية الكريمة أن النمل لديه نوعًا ما من المعرفة مكنته من معرفة نبي الله سليمان وجنوده، ومعرفة الأثر المتوقع أن يحدث للنمل إذا لم يدخل ويحتمى بمساكنه. قد تكون معرفة الخطر غريزية، ولكن معرفة البشر، ومعرفة أسمائهم، وتسمية الجمع بالجنود وهو تسمية حقيقية هو ما يثير، ويحفز العقل و يستحثه لكي يبحث وينقب لعله يفهم ما هي هذه المعرفة، وكيف حصل عليها النمل، وبالتالي قد ينسحب ذلك على باقي الدواب والكائنات.

الآية الكريمة تدل أن هناك نوعًا من المعرفة قائم على الاستنتاج والاستدلال أكبر مما نتخيل ومما هو معروف حاليًا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أكثر الصفحات مشاهدة